بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ,
يقول سبحانه و تعالي في سورة الكهف (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها و كان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا . و أما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا و كفرا . فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة و أقرب رحما . و أما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة و كان تحته كنز لهما و كان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما و يستخرجا كنزهما رحمة من ربك و ما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا .) " صدق الله العظيم"
يأتي في الخاطر سؤال هل يوجد تناقض بين أردت و أردنا و ما فعلته عن أمري ؟؟
لنفهم ذلك يجب أن نفرق بين إرادة العقل و هي أن تنبع فكرتك من عقلك و إرادة الفعل و هي أمر من العقل إلي الإعضاء لتنفيذ فعل مثال دخل فلان إلي منزله و كان يريد أن يأكل (إرادة العقل) فوجد طعاما فأكل (إرادة الفعل) .
دخل فلانا المنزل و لم يكن يريد الأكل (لا يوجد إرادة عقل ) فوجد أباه يأكل و طلب منه أن يأكل معه فجلس و أكل (إرادة الفعل ) في المثال الأول إجتمعت إرادة العقل و الفعل و في المثال الثاني لا توجد إرادة عقل و توجد فقط إرادة الفعل طاعة لأمر شخص آخر .
في الآيات الكريمة نفي عبد الله (الخضر) عن نفسه إرادة العقل فيما فعل في الحديث مع موسي ((و ما فعلته عن أمري)) و بقيت فقط إرادة الفعل عندما قال(( أردت أن أعيبها)) فلا تناقض
نقطة أخري قول الخضر أردت في موضوع السفينة و أردنا في موضوع قتل الغلام و ((فأراد ربك))في موضوع إقامة الجدار رغم أنه هو من فعل هذه الإشياء الثلاثة .
من إعجاز اللفظ و إحكامه أن سبحانه و تعالي يضع كل كلمة في موضعها الحق .
فلما قال الخضر ((أردت أن أعيبها )) تحققت غاية الفعل و هي أن السفينة بعد ثقبها لم تعد تصلح لأن يغتصبها الملك أي أن إرادة فعل الخضر إنتهت إلي تحقيق غاية الفعل .
في موضوع قتل الغلام قال الخضر فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه هنا بلغت إرادة فعل الخضر بقتل الغلام جزء من غاية الفعل و هو أن يرزق الله تعالي والدي الغلام المقتول بخير منه و تتم غاية الفعل فيما بعد عندما يرزقهم الله بغلام آخر و هذا خارج حدود إرادة فعل الخضر فقال أردنا أي إرادة فعل الخضر و معها إرادة الخالق سبحانه و تعالي .
و في موضوع إقامة الجدار قال الخضر ((فأراد ربك أن يبلغا أشدهما و يستخرجا كنزهما )) هنا كل ما فعله الخضر هو إبقاء الجدار قائما بينما غاية الفعل أن يكبر الغلامان فيستخرجا الكنز أي أن فعل الخضر ليس جزءا من غاية الفعل الذي هو كله من إرادة الله و يحدث فيما بعد و لذلك لم يقل الخضر أردت أو أردنا . هذا من إعجاز لفظ القرلآن الكريم و صدق الله العظيم
" لا تحرموني من مداخلاتكم "
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته